الإمام الحسين عليه السلام: سيرة النور وملحمة الخلود
نسب الإمام الحسين عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام هو ابن علي بن أبي طالب عليه السلام، أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد ﷺ، وسليل الدوحة النبوية الطاهرة. هو السبط الثاني لرسول الله بعد أخيه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، وحفيد النبوة الذي اجتمعت فيه الفضائل الإلهية والمكارم المحمدية.
ولادته المباركة
وُلد الإمام الحسين عليه السلام في المدينة المنورة في اليوم الثالث من شهر شعبان سنة 4 هـ (626م). عند ولادته، بشّر النبي ﷺ علياً وفاطمة بولدهما المبارك، فأخذه النبي بيديه الشريفتين، وأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، وسمّاه "حسيناً" بأمر من الله تعالى عن طريق الوحي. وكانت فرحة النبي عظيمة بولادة سبطه، إذ كان يضمّه ويقبّله ويقول:
حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً.
نشأته وتربيته في بيت النبوة
نشأ الإمام الحسين في بيتٍ هو أطهر بيوت الله على وجه الأرض، في كنف رسول الله ﷺ وأمه فاطمة الزهراء وأبيه أمير المؤمنين.
تعلم منذ صغره معاني الشرف، الصبر، الإيمان، والعدل.
وكان النبي ﷺ يحمله على كتفيه، ويقول للناس: اللهم إني أحبه فأحبه
.
هكذا تشكّلت شخصيته الطاهرة على يد النبي، فكان الحسين امتدادًا للرسالة، وصوتًا للحق في وجه الظلم.
مكانته في الإسلام والمذهب الشيعي
يُعدّ الإمام الحسين عليه السلام الإمام الثالث من أئمة أهل البيت الاثني عشر عليهم السلام، الذين أوجب النبي ﷺ مودّتهم في قوله تعالى:
قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ(سورة الشورى: 23).
يرى المذهب الشيعي أن الإمامة منصب إلهي، والإمام الحسين هو وصيّ بعد أخيه الإمام الحسن المجتبى، وقد حمل لواء الإصلاح والدفاع عن الدين بعد أن فسدت الأمة بظلم بني أمية.
حياته ومواقفه قبل كربلاء
عاش الإمام الحسين عليه السلام ست سنوات في ظل جده النبي ﷺ، ثم بعد وفاته عاش محن فقد أمه فاطمة الزهراء، ثم والده الإمام علي، ثم أخيه الإمام الحسن الذي استشهد مسموماً سنة 50 هـ. تسلّم الحسين الإمامة بعد أخيه، وكان رمزاً للكرامة والعلم والعبادة.
عندما تولّى يزيد بن معاوية الحكم، بدأ الظلم والجور ينتشر، فرفض الإمام الحسين مبايعته قائلاً:
"مثلي لا يبايع مثله"في إشارة إلى أن مبايعة رجل فاسق كيزيد تعني إضفاء الشرعية على انحراف الأمة.
زوجاته وأولاده
تزوّج الإمام الحسين من عدد من النساء الطاهرات، منهن:
- الرباب بنت امرئ القيس الكلبية – أم ابنته سكينة وولده عبد الله الرضيع.
- شهر بانو بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس – أم الإمام علي زين العابدين عليه السلام.
- ليلى بنت أبي مرة الثقفية – أم علي الأكبر عليه السلام.
أما أولاده فقد بلغوا ستة ذكور وأربع إناث، ومن أبرزهم:
- الإمام علي زين العابدين (السجاد) عليه السلام – الإمام الرابع.
- علي الأكبر – أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً برسول الله ﷺ.
- عبد الله الرضيع (علي الأصغر) – أصغر شهداء كربلاء.
- سكينة بنت الحسين – رمز الأدب والبلاغة.
- رقية بنت الحسين – الطفلة الشهيدة في الشام.
الظروف السياسية قبل واقعة الطف
بعد وفاة معاوية سنة 60 هـ، أراد ابنه يزيد أن يأخذ البيعة من جميع المسلمين، رغم أنه معروف بالفسق وشرب الخمر وانتهاك المحرمات. رفض الإمام الحسين عليه السلام ذلك، لأنه رأى أن السكوت يعني شرعنة الظلم. غادر المدينة متجهاً إلى مكة المكرمة، وهناك أعلن موقفه قائلاً:
"إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي."
خروجه إلى كربلاء وواقعة الطف
تلقّى الإمام رسائل من أهل الكوفة يطلبون منه القدوم لنصرتهم ضد يزيد، فأرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ليتحقق من الأمر. لكن والي الكوفة عبيد الله بن زياد قبض على مسلم وقتله، وأرسل الجيوش لاعتراض الإمام الحسين في طريقه.
وصل الحسين إلى أرض كربلاء في اليوم الثاني من محرم سنة 61 هـ، وهناك حاصره جيش عمر بن سعد بأمر ابن زياد. منعوا عنه وعن أهله الماء حتى عن الأطفال والرضّع.
في اليوم العاشر من محرم، بعد خطبته المشهورة التي قال فيها:
"ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة."اندلعت المعركة غير المتكافئة، فقاتل الإمام وأصحابه قتال الأبطال رغم قلّتهم، حتى استُشهد واحداً تلو الآخر.
استشهاده عليه السلام
قاتل الإمام الحسين حتى آخر رمق وهو يرفع راية الحق، حتى تكالبت عليه السيوف والرماح. أصيب بثلاثٍ وثلاثين طعنة وأربعٍ وثلاثين ضربة، ثم خرّ صريعاً على رمضاء كربلاء. تقدّم إليه شمر بن ذي الجوشن فقطع رأسه الشريف، ورفع على رمح في مشهد تقشعر له الأبدان.
دُفن جسده الطاهر في كربلاء، بينما حُمل رأسه إلى الكوفة ثم إلى الشام. وبعد سنين، أعيد رأسه إلى موضع جسده في كربلاء، فأصبح مرقده الشريف منارة للحرية والإيمان.
موقف السيدة زينب وأهل البيت بعد الواقعة
بعد استشهاد الحسين وأصحابه، أُسر النساء والأطفال، وسُيقوا إلى الكوفة ثم إلى الشام. وقفت السيدة زينب الكبرى عليها السلام أمام ابن زياد ثم أمام يزيد، وخطبت خطباً خالدة أذلّت الطغاة وأبكت القلوب. قالت في الشام:
"فكد كيدك واسع سعيك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا."لقد حفظت السيدة زينب جوهر الثورة الحسينية، وجعلت من الأسر منبراً لإحياء الحق.
الدروس والعبر من ثورة كربلاء
تمثل واقعة الطف مدرسة خالدة في القيم الإلهية والإنسانية. ومن أهم الدروس:
- الوقوف في وجه الظلم مهما كان الثمن.
- أن الدم الطاهر ينتصر على السيف الظالم.
- أهمية الإصلاح في الأمة والحفاظ على مبادئ الدين.
- دور المرأة في حمل رسالة الحق كما فعلت السيدة زينب.
- أن حب الحسين يعني حب العدالة، والإخلاص لله.
أثر ثورة الحسين على الأمة الإسلامية
لم تكن ثورة كربلاء مجرد حدث تاريخي، بل كانت منعطفاً مصيرياً في الوعي الإسلامي. أيقظت ضمير الأمة، وأعادت تعريف معنى الإيمان والشهادة. منها انطلقت الثورات ضد بني أمية والظالمين، واستمرّ ذكر الحسين خالداً في كل عصر. لهذا قال الإمام الصادق عليه السلام:
"كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء."إشارة إلى أن روح الحسين باقية ما بقيت القيم والإنسانية.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. متى ولد الإمام الحسين عليه السلام؟
في الثالث من شعبان سنة 4 هـ، في المدينة المنورة.
2. من هم والدا الإمام الحسين؟
أبوه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وأمه السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد ﷺ.
3. من هم أعداؤه في كربلاء؟
يزيد بن معاوية، عبيد الله بن زياد، عمر بن سعد، شمر بن ذي الجوشن.
4. كيف استشهد الإمام الحسين؟
استشهد في معركة كربلاء في اليوم العاشر من محرم سنة 61 هـ، بعد أن قاتل ببسالة دفاعاً عن الدين، وقطعت رأسه جيوش يزيد.
5. أين يقع قبر الإمام الحسين عليه السلام؟
في مدينة كربلاء المقدسة في العراق، وهو من أعظم المزارات في العالم الإسلامي.
6. لماذا يحيي الشيعة ذكرى عاشوراء؟
إحياءً لذكرى استشهاده، وتجديداً للعهد مع مبادئه في مقاومة الظلم ونصرة الحق.
7. ما معنى العبارة (كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء)؟
أي أن موقف الحسين ضد الظلم يتكرر في كل زمان ومكان، وهو دعوة مستمرة للثبات على الحق.
